بعد مشوار طويل له مع الصحافة والفن والإبداع في دراما الإذاعة وكتابة المسرح انتقل إلى ــ رحمة الله ــ صباح أمس (السبت) محمد بن حمود رجب في المستشفى السعودي الألماني بعد دخوله في غيبوبة استمرت لـ 14 يوما الأخيرة من حياته ــ رحمه الله ــ واستمر مرضه نحو أعوام ثلاثة، ومحمد رجب أحد أهم الأسماء التي شاركت بفاعلية في تأسيس الصحافة الفنية في صحفنا المحلية منذ مرحلة الظهور بشكل أسبوعي إلى تحويلها إلى صفحة يومية في صحفنا وذلك إلى جانب أسماء كبيرة عملت فيها مثل عبدالله جفري وبدر كريم وهاشم عبده هاشم وحمدان صدقة وجلال أبو زير وهشام عرب ومبارك العوض وهاني فيروزي وأحمد المهندس وأسماء عديدة قدمت الكثير لصحافتنا الفنية.
محمد رجب أحد المشاركين الأوائل في تأسيس جمعية الثقافة والفنون إلى جانب الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن وإبراهيم خفاجي وسراج عمر وسامي إحسان وعبد الله الجار الله ومحمد الشعلان وغيرهم عند انطلاقها تحت مسمى «جمعية الفنون» قبل اكتسابها صفتها الرسمية الدولية التي تعاملت من خلالها فنوننا وثقافتنا مع العالم في كثير من الملتقيات الثقافية الدولية والمهرجانات ذات العلاقة.
ومحمد رجب الذي كانت آخر مسميات نشاطه في فرع جدة من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مستشار فني والمشرف على لجنة المسرح في الجمعية وهو كاتب دراما إذاعية من مواليد حارة المظلوم بجدة في العام 1353/1933 درس حتى المرحلة المتوسطة.
التحق في باكورة شبابه بوظيفة طابع آلة طابعة يدوية في أحد الأحياء الشعبية، التحق عام 1952م بالبنك السعودي الهولندي بوظيفة معقب ثم تدرج للعمل بقسم البريد لمدة عشر سنوات، ثم التحق بقسم شؤون الموظفين بالبنك وتدرج إلى أن وصل لمساعد مدير الشؤون التجارية بالإدارة الإقليمية وبقي في هذا المنصب لمدة سنتين وقدم استقالته عام 1982 بعد أن امضى قرابة 30 عاما في خدمة الفن، التحق بالعمل الصحافي عام 1380هـ/1960م، حيث كان ينشد في مجلسه الرائد من خلال باب «ابن الشاطئ» الذي كان يحرره الدكتور عبدالله مناع، عمل عام 1383هـ بالصفحة الفنية بجريدة قريش التي كانت تعد الصفحة الثانية بعد صفحة «امانيه» التي كان يحررها الدكتور هاشم عبده هاشم وحمدان صدقة في مجلة الرائد واستمر في ذلك لمدة ستة أشهر، بعدها صدر نظام المؤسسات الصحفية واتجه مع الأستاذ حمدان صدقة للعمل في الصفحىة الفنية بجريدة البلاد عام 1384هـ، انتقل بعد ذلك كمتعاون في جريدة عكاظ مع زيني عبدالغفار وعبدالله السقاف في الزاوية الفنية بـ «عكاظ» وكان يراسل من جدة صحف المنطقة الوسطى «الجزيرة»، «الرياض» وقد أشرف على تحرير صفحة فنية أسبوعية في «عكاظ» خلال الفترة من 1390 ــ 1395.
كون فرقة «ثلاثي الجيل» من عبدالله الصائغ، ومحمد حبادي، وعبد الكريم باحشوان عام 1399/ 1979 والتي تخصصت في أداء المنولوجات والمشاهد المسرحية، ساهم في إبراز عدد من نجوم الغناء السعودي عبر برامجه الإذاعية والتلفزيونية مثل: نجوم الغد، مسرح الهواة، ساعة مع الفن، أشرف عام 1390هـ على أول صفحة فنية أسبوعية بـ «عكاظ» حتى عام 1395هـ، حيث اتجه إلى «مجلة الإذاعة الفنية» والتي استمر فيها لمدة ثلاث سنوات أي حتى عام 1395هـ.. عاد عام 1395هـ إلى «عكاظ» ليشارك في تحرير صفحة «الفن» بالعدد الأسبوعي، شارك في تأسيس جمعية الثقافة والفنون فرع جدة عام 1394هـ وشغل لبعض الوقت منصب مدير الشؤون الثقافية بها ورئيسا للجنة المسرح في شعبان 1420هـ، تعاون مع مجلة «اقرأ» عام 1398هـ واستمر حتى عام 1400هـ، أعد المجلة الفنية الإذاعية عدة دورات حتى عام 1419هـ يشغل حاليا مستشار فرقة فنون جدة.
أنتج ما يزيد عن 500 حلقة درامية ما بين سهرة ومسلسلات وتمثيليات أسبوعية مثل: كلمة عتاب، مواقف إنسانية، مواقف رمضانية، وطول بالك.
وفي الممنوعات: المجلة الفنية وساعة مع الفن ومسرح الهواة ومسرح الإذاعة ومنصة المواهب.
وفي البرامج التلفزيونية: مسرح التلفزيون، سهرات فنية، مسلسل مشقاص، خدمات عامة 7 حلقات، مسلسل صور اجتماعية 13 حلقة، وفنون شعبية لتلفزيون العرب 20 حلقة.
وفي الأعمال المسرحية: سبع مسرحيات، 20 إسكتش كوميدي وشعبي غنائي.
له عدة مؤلفات في المجال الفني منها: كتاب عن حياة الفنان الراحل فوزي محسون، كتاب ذكريات ومواقف فنية وكتبا الطموح والإبداع عن فرقة أبو سراج الشعبية وتحت الطبع «ربيع الثاني 1421هـ».. كتابان الأول: عن الفنان محمود الحلواني، والآخر عن رواد المونولوج، نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها:
شهادة الريادة الصحفية من جمعية الثقافة والفنون عام 1407هـ، درع التفوق من عمل مسريح بعنوان «الصراع» من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة 1417هـ، درع المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية عام 1419هـ عن رواد التأليف المسرحي، شارك في مهرجان الفنون الشعبية في أوزبكستان «كرئيس وفد» مع فرقة موسيقية بصبحة الفنان محمد أمان وحصلت الفرقة على الجائزة الأولى للمهرجان عام 1420هـ، أصدر العديد من الكتب منها توثيق بعنوان «رواد المونولوج في المملكة ومصر» 1426هـ، كما أصدر كتابا عن حياة الفنان الكبير فوزي محسون، وآخر عن مشوار فرقة أبو سراج للفنون الشعبية.
في عيونهم
تحدث عدد من زملاء المشوار بالنسبة لعوالم الإعلام والفن عن الفقيد على النحو التالي، يقول الموسيقار سراج عمر الذي رافق الراحل في العديد من المناصب الإدارية في جمعية الثقافة والفنون منذ مراحل التأسيس كما عملا معا منذ تأسيس الجمعية:
نعم طالما عملنا معا وجمعت بيننا أعمال فنية عديدة فكتب لي الكثير من الأغنيات الوصفية والوطنية التي قدمتها للإذاعة منها «ياحاج بيت الله» قدمتها للإذاعة بصوتي، العرسان بصوت عودة العودة، وغيرها من الأعمال والمونولوجات.. رحم الله الزميل محمد رجب.
ويقول الموسيقار سامي إحسان: الراحل شاركنا في كثير من مراحل تأسيس جمعية الفنون ثم أنه كتب العديد من الأغنيات والمونولوجات منها مونولوج «البسكليتة» الذي قمت بتلحينه لصالح صوت المونولوجست محمد الصويغ، كما عملنا كثيرا في فرع الجمعية بجدة.
ويقول مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة عبدالله التعزي: غياب محمد رجب عن المشهد الثقافي العام خسارة كبيرة لنا في الجمعية التي شهدت عطاءات الرجل منذ تأسيسها ويحسب له الكثير من الإضافات التي قدمها للمسرح.
ويقول المونولوجست عبدالله الصايغ: كنت من الذين خدمهم بشكل مباشر حيث كون فرقة ثلاثي أضواء المسرح مني ومحمد حبادي وعبدالكريم باحشوان، وكتب لنا الكثير من المسرحيات والمشاهد والمونولوجات منها: طمعنجي بنى له بيت قلسنجي سكن له فيه، ومشاهد، بنك الدم، وسكتش المحامي من ألحان عبده مزيد.
أما مدير إدارة التنسيق في الإذاعة زيد حمد الخثلان يقول: الرجل كان من أهم المتعاملين معنا في الإذاعة في كتابة الأعمال الإذاعية وذلك بأسلوب نقدي غير مباشر وبحبكته الإذاعية المميزة حتى أنه في اختياره للمفردة دائما ما كان عصريا ومواكبا، كما أنه يناقش المعاصر من القضايا مثل الإنترنت والجوال وغيرها اجتماعيا، ثم إنني أعجز عن وصف تعامله مع الإذاعة فهو على مدى سنوات عمله الطويلة مع الإذاعة محبا لعمله ويحرص على أن يكون ذلك الملتزم والمتعامل بشكل جيد مع الزملاء ومن أبرز أعماله التي كان يتحفنا بها رباعية العيد وهو البرنامج رباعي الحلقات الذي كان يكتبه لأيام العيد الأربعة، أيضا مسلسلاته الرمضانية على مدى سنوات طويلة، وبرنامجه «الصراحة راحة».
ويقول الدكتور عبدالله الشائع مدير عام إذاعة جدة: محمد رجب من كبار الكتاب الذين أسهموا معنا في العمل الإذاعي ولا زال برنامجه «الصراحة راحة» يذاع حاليا وهو من أقدم البرامج التي قام بإعدادها على مدى سنوات طويلة، كما قدم لنا مسرح الإذاعة بالاشتراك مع الجمعية حينما كان مديرا للإعلام والنشر في الجمعية وتتصف كتاباته بالعمق والخبرة والتميز. رجب رجل تميز في عطائه الكتابي للإذاعة وقدم لها الكثير طوال السنين مشاركا في صناعة النجاح في دراما الإذاعة، وله تأريخ كبير وصنع جسور عطاء مشترك بين الإذاعة والكثير من الجهات مثل جمعية الثقافة والفنون، وتميز بأخلاقه العالية.
ويقول الزميل خالد اللحياني من إذاعة جدة: الرجل مكان اعتزازنا جميعا في إذاعة جدة وتعلمنا منه الكثير كواحد من جيل الرواد.
الأسرة تتلقى التعازي في الفقيد اعتبارا من اليوم الأحد في منزله الكائن في طريق المدينة جنوب غرب تقاطع حراء خلف فندق المنزل أمام الفيصلية أو على هاتف ابنه نبيل رقم 0509587677.